الأمن القومي ليس مبنى في حي شعوب

الأخ الدكتور علي حسن الأحمدي رئيس جهاز الأمن القومي
الأخ اللواء جلال الرويشان رئيس جهاز الأمن السياسي
الأخ اللواء فضل القوسي قائد قوات الأمن الخاصة
الأخ اللواء مجلي مجيديع قائد العمليات الخاصة
سرتني زيارتكم التفقدية التي قمتم بها إلى محطة تسييل الغاز وتصديره بمنطقة بلحاف أمس الأول. وكلي أمل في أن يحظى أنبوب صافر الحكومي بذات القدر من الاهتمام الذي أظهرتموه في زياراتكم للمشروع الفرنسي، وأن تتلقوا هذا المنشور بإيجابية وانتباه وألا يمر عليكم مرور الكرام.
أثناء زيارتي لمحافظة مأرب ومنشأة شركة صافر الوطنية ذهلت لدى سماعي ما رواه لنا مهندسو وخبراء نفط الشركة. قالوا، بكل صراحة ووضوح، “إن المخربين الذين يفجرون أنبوب النفط يمضغون اوراق القات ويقيلون مع أفراد وكبار ضباط لواء الحماية المكلف بحماية أنبوب النفط”. وهو ذات الأمر الذي أكدته لنا، أنا ومجموعة من الصحفيين، قيادة الشركة في صنعاء. مديرها ونائبه.
ما زلت مصدوماً مما سمعته. في إحدى المرات فجر أحد المخربين، المعروفين بالاسم ورقم الهاتف طبعاً، أنبوب النفط على مرأى أحد جنود الحماية فسأله مهندس نفطي لماذا لم يردعه أو يطلق النار عليه فرد عليه ببساطة:
“أنا راتبي 30 ألف وأنت راتبك 300 ألف”
“أنا أداوم طول السنة وأنت تدوم شهر وترتاح شهر”
“فليش اقتله أو اطلق عليه رصاص وأفعل لي ثارات وغرماء”! 
وتلك مشكلة أخرى. الجندي هنا جلاد وضحية في آن.

 
وعندما سألت جنود وأفراد لواء الحماية عن أوضاعهم، قالوا: إن كل المخصصات والحوافز المالية التي تقدمها الشركات النفطية للواء الحماية يذهب إلى جيوب القادة ولا يصلهم منه شيئاً لا على هيئة حوافز، ولا على مستوى الغذاء والتأمين الصحي”.
والسؤال البسيط:
ألم يكن من باب أولى إدراج لواء الحماية ضمن ألوية قرارات الهيكلة؟
ألا يشكل ضرب أنبوب النفط هجوماً وخطراً فعلياً على الأمن القومي لليمن؟
 
حل المشكلات بالطريقة اليمنية لم يعد مجدياً هنا. إما أن تغيروا قادة اللواء، وإما أن تتأكدوا من التوزيع العادل للمخصصات والحوافز المالية الكبيرة حقيقة، بنظام إدراري صارم، وإن كان ذلك ضرب من خيال مفرط، بحيث يستفيد منها الجندي والضابط والقائد بمختلف رتبهم العسكرية.

 

 
تنتج شركة صافر يومياً أكثر من 250 ألف برميل من النفط والنفط المكافئ، وهي المنتج الوحيد للغاز المسال المصدر إلى الخارج، والمنتج الوحيد للغاز المنزلي المستهلك محلياً، وهي أيضاً المنتج الوحيد للغاز المستخدم في توليد كهرباء محطة مأرب الغازية: باختصار صافر هي أكبر شركة حكومية تساهم في الناتج المحلي. ومع ذلك، أو ربما بسبب ذلك، تتعرض صافر للحرب من جهتين: المخربون من جهة، ووزير المالية من جهة أخرى. ذلك أن الشركة لم تتلق تعزيزها المالي من وزارة المالية منذ يناير 2014م وتغطي نفقات التشغيل من موارد ذاتية بمشقة بالغة.
 
تكلفة إنتاج برميل النفط الخام الواحد في شركة صافر:
3 دولار.
أتعرفون معنى هذا؟ إنها أقل شركة نفطية في نفط الكلفة أو ما يسمى (الأويل كوست).
 
بينما تكلفة إنتاج نفس برميل النفط الخام عند جيرانها (أوكسي أو إم في كلفالي ودوف): من 13 إلى 17 دولار. أما في قطاع 10 المشغل من توتال أو قطاع غرب عياد فان التكلفة تصل، بسبب الفساد الكبير في نفط الكلفة، إلى رقم خرافي:
29 دولار.
(تكلفة إنتاج النفط في أرامكو السعودية 3 دولار بالمناسبة)
 
سألت مندوبي الأمن لدى شركة صافر ما إن كان قد رفع تقارير إلى رؤسائهم في الأجهزة الاستخباراتية حول التواطؤ المحتمل بين مفجري أنبوب النفط، وبين لواء الحماية، فأكدا لي أنهما قد رفعا بـ”كرتونة” من التقارير والأدلة على تورط اللواء، والحيثيات المبررة للمطالب المتكررة بتغييره بلواء آخر غير إن الأجهزة الأمنية في صنعاء بدت كما لو أنها غير معنية بالأمر.
 
أين ذهبت كل التقارير المرفوعة من شركة صافر إليكم؟
لا تقولوا الله أعلم، وإنما أسألوا المختصين لديكم وحققوا في الأمر ارجوكم.
 
شعرت بالألم والغربة لدى سماعي أحد فني شركة صافر يروي لي كيف أن كبار قادة الأجهزة هرعوا إلى هنا عند ضرب أنبوب تصدير الغاز المسال الذي يمتد من صافر بطول 273 كيلو إلى بلحاف (الشركة اليمنية للغاز المسال أو توتال) في حين أن أنبوب شركة صافر يتعرض يومياً للتفجير دون أن يثير ذلك 1% من هلع قادة الأجهزة الأمنية.
 
“أنبوبنا أنبوب ابن خالة”. قال.
وأضاف الفني بحرقة وصدق: “يهتمون بأنبوب الغاز من أجل توتال والفرنسين بينما أنبوب صافر وأنبوب كل يمني لا يهمهم”.
 
ألا تتفقون معي أن معه حق وأن كلامه صحيح وأن موقفكم غير مفهوم.
وإذا كان الحال كذلك من أيام الرئيس السابق، فرضاً، ألا ينبغي تغييره. ما الذي يمنعكم؟
 
ما هو الأمن القومي؟
إنه شركة صافر وليس ذلك المبنى في شعوب.
 
صافر يا كرام، أكبر شركة حكومية تساهم في الناتج المحلي. إنها توفر وحدها قرابة 40% من دخل وإيرادات اليمن. أفلا تستحق المعاملة بالمثل، إن لم يكن باهتمام أكبر، من شركة توتال التي تنهب ثروات البلد.
 
إن 50% من العجز في موازنة الدولة لعام 2014 سببه تفجير أنبوب صافر.
إن خسائر اليمن تجاوزت 3 مليار دولار العام الماضي بسبب تفجير أنبوب صافر.
إن صخر الوجيه يرغب في تطبيق جرعة سعرية ستقتل المواطن اليمني أيضاً بسبب تفجير أنبوب صافر.
 
بربكم أين أنتم من كل هذا؟
هذا الأنبوب يتضرر كل يمني بسبب تفجيره.
هذا الأنبوب وحمايته ينيغي أن يكون رقم 1 في قائمة أعمالكم!
 
ينقل أنبوب صافر إنتاج الشركة، إلى جانب 5 شركات أخرى، من النفط الخام إلى ميناء رأس عيسى ومنها إلى مصافي عدن فيكرر ويعاد توزيعه كبنزين وديزل ومشتقات نفطية في السوق المحلي. وفي كل مرة يتعرض الأنبوب للتفجير فإن شركة لا تتحمل خسائر نفطها فحسب وإنما خسائر الشركات الخمس الأخرى (أو إم في/ كالفالي/ جنة هنت.. إلخ وتتحملها وحدها شركة صافر التي يرفض وزير المالية صرف اعتمادها الذي لا يتجاوز 100 مليون في الشهر (وهي التي تحقق إيرادات بأضعاف أضعاف نفقات تشغيلها!)
 
إن حرباً حقيقية تشن على شركة صافر من المخربين ومن وزير المالية نفسه. يروي لي أحد كبار مسئولي صافر، كيف أن شركة توتال استأجرت من شركة خدمات أحد النافذين سيارتين مصفحتين بإيجار شهري مهول: 50 ألف دولار في الشهر.
 
طبعاً تحسب هذه ضمن نفط الكلفة (أويل كوست).
 
ونظراً لحاجة شركة صافر إلى سيارة مصفحة عند تنقل أحد الخبراء الأجانب بين الحقول النفطية حتى لا يتعرض للاختطاف مثلا (مساحة قطاع صافر أكبر من مساحة قطر عشر أو عشرين مرة بالمناسبة) وبعد طول بحث وجدت شركة صافر سيارة مصفحة بمواصفات ممتازة في دبي قيمتها: 90 ألف دولار.
أي إيجار شهرين فقط على طريقة شركة توتال.
 
ومنذ شهور وقيادة شركة صافر تحاول إقناع شركة صافر صرف المبلغ وهو يرفض، والسيارة ستكون ملك الدولة، وقيمتها تعادل إيجار شهرين من السيارات التي تستأجرها توتال، ومع ذلك، أو لأجل ذلك ربما، رفض السيد الوجيه.
 
ولهذا السبب كتبت ما كتبته هنا:
أحموا أنبوب نفط صافر. هذا أعظم عمل يمكن القيام به. 
إن ما يساعد القاعدة على تجنيد الانتحارين وضمهم لها هو الفقر والظلم. وما من سبب لزيادة أعداد الفقراء سوى جرعة سعرية قادمة، وما من سبب للجرعة المرتقبة بأكثر من تفجير أنبوب النفط وعدم حمايته من الأجهزة الأمنية.
 
لا تخيبوا آمال اليمنيين فيكم.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.