الحوثيون يحكّمون قبلياً قائد القوات الخاصة ويتجاهلون صيدلياً قُتل لاشتباههم به بسبب لحيته

الحوثيون (أنصار الله) يحكّمون اللواء فضل القوسي قائد القوات الخاصة السابق بعد “تبادل لاطلاق النار نتج عن سوء فهم بين موكب اللواء القوسي واحدى النقاط التابعة التابعة لجماعة أنصار الله”، حسبما ورد في صفحة الزميل البخيتي.

10422033_959177557429384_1299411073801499554_n
التحكيم القبلي (من صفحة الزميل البخيتي)

لست أدري ما إن كانت أسرة الدكتور وضاح الهتاري* قد دفنت جثة نجلها، أم أن عليه الانتظار لفترة طويلة في ثلاجة الموتى. لطالما سمعنا عن أسر مغلوبة على أمرها، لم تجد وسيلة للاحتجاج والمطالبة بتطبيق العدالة سوى تمديد فترة إقامة جثة ضحيتها في ثلاجة الموتى وكأنها تحافظ على بعض كبريائها وكرامتها المذبوحة بهذه الطريقة.

فتحتُ صفحة الناطق الرسمي محمد عبدالسلام والزميل علي البخيتي الذي أجده في الفترة الأخيرة من أكثر الأصوات اعتدالاً وتعقلاً في جماعة الحوثي-أملاً في أن أقرأ تعزية لأسرته أو كلمة طيبة تجبر خاطرا، أو التزاماً أخلاقياً بتسليم قاتل الصيدلي الصريع قرب مستشفى الجمهوري أمس، غير إني لم أجد سوى منشور واحد عن البلاغات الكيدية ضد اللجان الشعبية!

إلى هذه الدرجة!
حتى رئيس الوزراء المستقيل، أو المقال، باسندوة وهو الضعيف واللامسئول سلّم قاتل حارس معهد اللغات في نفس اليوم إلى النيابة وهو أحد حراسه الشخصيين. لست واثقاً ماذا كان مصير القاتل وهل طبقت العدالة في تلك القضيةأم تدخلت البنادق والتحكيم. الأكيد أن ردة فعل محمد باسندوة أكثر احتراماً قياسا بتجاهل الحوثيين وعدم إكتراثهم لضحية قتل لمجرد الاشتباه بانتمائه لتنظيم القاعدة لمجرد لحيته الطويلة!

1912198_10152768508797940_7220035202061098927_n
د وضاح الهتاري الضحية

ما أود قوله هنا ليس تسجيل نقاط ضد الحوثيين، ولن أكون أبداً انتهازياً رخيصاً لاستخدم دم الضخية للنيل السياسي كأولئك الذين يحرضون على الصحفيين الذين انتقدو اللجان الشعبية باعتبارهم سبب مذبحة ميدان التحرير الارهابية. موقفي من المليشيا هو هو سواء ارتكتب هذا الخطأ أم لا. وأنا أعف عن استخدام دماء الضحايا في بورصة ومزادات السياسية. تلك ليست بأخلاق إنسان سوي.
ما أود قوله أنه ما من احد -فرداً كان أم جماعة- لديه الحد الأدنى من الأخلاق والقيم إلا وأقدم على الاعتذار والإقرار بالخطأ محاولاً إصلاح ما يمكن إصلاحه في هكذا موقف وبصدق لا اقول ذلك حرصاً على صورة الجماعة ولا لأبدو في دور الناصح المحب. كلا. على الإطلاق. كل ما في الأمر أني ارى اليمن تتجه بخطى متسارعة نحو النموذج العراقي وأخشى مما هو أسوأ.
لا تكابروا. فالأخطاء تحدث. المهم ماذا بعدها خوفاً من الأسوأ. وإذا كانت هذه ردة فعل نخبة جماعة الحوثي المثقفة فكيف نتوقع نظرة لجانكم الشعبية ثم هل تحتاجون إلى القول إنه ما من شيء قادر على رد الضحية وإعاة الميت إلى الحياة، أو تعويض وجبر خاطر أسرته. (هل تريدونني ان اقول اعتبروه قوسي أو من معارفه! لا أريد ذلك)
سيقول المرضى: ماذا عن ضحايا مذبحة التحرير، اقول هذه ليست كتلك. الأولى عمل إرهابي والثانية قتل جنائي. الأولى منفذها مجهول كشخص معلوم كتنظيم، في حين أن الثانية مرتكبها فرد وليس جماعة، وتعرفون رأي الفقه في الفرق بين ما يصح على الفرد والجماعة. ثالثاً: من حيث المبدأ من قتل نفساً واحدة فكأنما قتل 47 أو كمن قتل الناس جميعاً مع فارق أن قتل الخطأ ليس كالجريمة الإرهابية القذرة في ميدان التحرير من دون شك.
أخيراً وهذا الأهم: أنتم الآن حكّام المدينة ومن يسيطرون عليها كلياً والأمن مسئوليتكم قسراً، شئنا أم أبينا، كما يقول أنصاركم في فيسبوك، وبالتالي فإن كل جريمة تقع أنتم وحدكم المسئول والمسائل عنها سواء كانت لجانكم الشعبيةالضحية في هذه الجريمة أم الجاني.

_______________________

طبيب صيدلي قتل يوم أمس من نقطة لمسلحي الحوثي عند اشتباههم به أمام مستوصف يعمل به قرب مستشفى الجمهورية وسط صنعاء.
**

تحولات مفهوم المواطنة

قبل 2011م كنا نأمل أن يتعامل اليمنيون فيما بينهم، وأن تعاملهم الدولة، على أساس المواطنة المتساوية، وأن يتغلب الانتماء الوطني لكل يمني على انتمائه الوراثي: سلالته، أو جغرافيته، أو مذهبه، أو مهنته، أو لون بشرته، وأن تمّحي نتيجة ذلك “نعرات” وتوصيفات يطلقها اللسان الشعبي على سبيل الإدانة لا التعريف كـ:
شمالي وجنوبي
دحباشي وانفصالي
“برُغلي” وأخدام ومزاينة
جبالية وبدو قبيلي سيد.. إلخ
الأن، وفي ظل إدارة شوؤن الناس من قبل وكلاء الله وعزرائيل يبدو أن اليمنيين مقدمون مرحلة فرز طائفي ومذهبي يعرّف المجتمع وتُبنى علاقاته لا بناء على مفهوم المواطنة المتساوية وإنما يتم النظر إلى المواطن بإحدى اثنيتن:
داعشي
ورافضي
..
..
..
..
وحتى بعد خراب مالطا المجتمع الدولي سيجدد دعمه للعملية السياسية في اليمن بقيادة الرئيس الشرعي هادي من دون شك

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.