“جندرمة” الحوثي يقتحمون شركة صافر: اللصوص الجُدد!

في مشهد جدير بعرضه في أحد أفلام هوليود أو مسلسلات العصابات والأكشن اقتحم ظهر أمس عشرات من مسلحي الحوثيين مقر إدارة شركة صافر الحكومية، أكبر منتج للنفط والغاز في اليمن، يقودهم قيادي ميداني في الجماعة يُدعى “أبو أحمد”. هكذا دون سابق إنذار، اكتظت باحة حوش الشركة بالمسلحين، أو ما يُطلق عليه الحوثيون اسم “اللجان الشعبية”. للحظات بدا المشهد شبيهاً بسوق جحانة لبيع السلاح في عز الظهيرة، وليس مقر شركة نفطية تعد الأولى في رفد الخزينة العامة بالأموال، والرافعة الأساسية للاقتصاد الوطني اليمني. بعبارة أوضح: صافر هي الشركة الوطنية التي توفر 40% من موازنة الدولة، التي تذهب لصالح الجيش ووزارة الدفاع، التي تصرف بعد ذلك على شراء أسلحة ودبابات ومعدات عسكرية سوف تنهبها في نهاية المطاف مليشيات الحوثي من رفقاء “أبو أحمد” نفسه، الذي جاء لتفقد سير عمل الشركة وحمايتها من الفساد (!!) أترون كيف تجري دورة المال في اليمن؟

اعتدوا عليه لأنه طلب دخول خمسة لمقابلة المدير بدلاً عن كتيبة!

أعرف ما سيقوله مطبخ الحوثي من مبررات وأكاذيب معتادة: سيقولون أنتم مخطئون. أنتم ضحايا الإعلام الإخواني الداعشي. ما حصل لم يكن اقتحاماً وإنما زيارة، هكذا بكل بساطة واستخفاف بعقول الناس. تماماً مثلما قيل إن اقتحام منزل توكل كرمان وقحطان حماية لهما من عصابات النهب وأن على أصحابها أن يكونوا شاكرين وممنوين! ألم يُقل أيضاً أن مليشيات حسين الأحمر هي التي اقتحمت مقر الاشتراكي نت واعتقلت الصحفي بدر القباطي في وقت لا قوة فيه في أرجاء العاصمة سوى للحوثيين، حتى أن حسين ذاته  لا يأمن هذه الايام على سلامة رأسه!

10696398_742484909177549_6858274575661632465_n
انتهاك طفولة: طفل في نقطة تفتيش ضمن اللجان الشعبية للحوثي في صنعاء (محمد حويس فرانس 24

سيقولون زيارةً إذن وليس اقتحاماً. لكن جميع سكان كوكب الأرض يميزون الفرق بين الزيارة والاقتحام. ذلك أن الزيارة تكون بناء على موعد مسبق وتنسيق، وليس بالطرق الهمجية المنافية للأخلاق والأعراف والحضارة الإنسانية. والزائر، في أي مكان في العالم، يُظهر احترامه لمن يزوره عن طريق التزامه بحرمة المكان المزُور وتقاليده. هناك أعراف إنسانية عابرة للقارات والثقافات لا يختلف عليها شخصان: فمن قلة الذوق وانعدام الأخلاق أن تدخل مسجداً، مثلاً، مرتدياً حذاءيك، أو أن تشعل سيجارة في داخل حرم مستشفى، أو أن تدخل شركة نفطية بثلاثين أو أربعين مسلحاً وكأنك في طريقك إلى مداهمة وكر تابع لتنظيم داعش.

مع الأسف، كل يوم ازداد يقيناً أن من يأمل أن يتحول الحوثيون إلى العمل السياسي كمن يأمل أن تتحول دبابة أو مدرعة إلى سيارة إسعاف! أو عربة تسقي أشجار جزر الرصيف، أو حراثة حقل زراعي.

سيقولون، كما هي عادتهم في التبرير لجرائمهم وانتهاكاتهم، إنها زيارة تفقدية ضمن مهام اللجان الشعبية في تفقد مؤسسات الدولة وأوضاع العاملين فيها وحمايتها من الفاسدين وبموجب اتفاق السلم والشراكة الذي لم ينص على أي دور ولا على لجان شعبية بالصيغة الحالية ولكنهم يستثمرون جهل الناس وشفاهية المجتمع اليمني وحساسيته من القراءة. حسناً. في أي مجتمع متعافى وسويّ كان ليكون السؤال البديهي في هذه الحالة، هو: بأي حقك وأي صفة يفعل أبو أحمد وكتيبته ذلك؟ لكن سؤالاً كهذا بات ترفياً ولم يعد وارداً بعدئذ أسقطت مليشيات الحوثي العاصمة وباتت تديرها وتتوسع كل يوم من محافظة إلى أخرى. وبالتالي، بعد تجاوز وإسقاط السؤال البديهي حول صفة أبو أحمد وجماعته، دعونا نسأل الحوثيين كأشخاص يميزون، بعضهم على الأقل، بين الزيارة وآدابها وبين “البلطجة” وسلوكها: إن كانت زيارة كما تزعمون -وستزعمون- لماذا إذن اعتدى مجموعة من مسلحي المسيرة القرانية (!!!) على مدير مكتب المدير العام لمجرد أنه طلب منهم بكل أدب وذوق، أمام العشرات من موظفي الشركة كشهود للواقعة، أن يتم اختيار ثلاثة أربعة أشخاص كممثلين عن المجموعة لمقابلة المدير ونائبه والمختصين في الشركة بدلاً من دخول “كتيبة” بكاملها أمام موظفين أجانب سيأخذون انطباعاً سيئاً عن اليمن والوضع السياسي. بدلاً عن ذلك شعر مسلحو المسيرة القرآنية بالإهانة وكأنه وجّه لهم شتيمة، فما كان منهم إلا أن قاموا بالاعتداء عليه، كموظف دولة بلا شرف ولا هيبة، وقاموا بدفعه و”دهفه” و”هزورته” وكأنها الترجمة الحرفية لوعيهم وفهمهم لمكارم الأخلاق. اللهم صلّي على محمد وآل محمد

يتلفّت في مباني الشركة كأنه هند بن عتبة تتلفت بحثاً عن جثة حمزة!

بعد أن أرعبوا مدير المكتب الشاب الذي تجرأ على الاعتراض على مسلحي المسيرة القرآنية واعتدوا عليه لإيصال رسالة رعب لكل من يقف أمامهم، كفيلة بإرعاب أمريكا وإسرائيل، دخل القائد أبو أحمد، مكتب المدير العام ونائبه دخول الأبطال تصطحبه، لا أمزح، كاميرا قناة المسيرة، ومعه إلى جانب كتيبة المسلحين تلك، لا أمزح أيضاً، السياسي البارز في حزب البعث “الرفيق” نايف القانص، والإعلامي (هل أقول الزميل؟) فارس أبوبارعة. أهلاً وسهلاً.. يا مرحبا دخلوا المكتب، إذن، لا دخول زائر يحترم ويقدر من يزروه، ولا دخول من يطمئن على سير الأعمال في مؤسسات الدولة التي يدعّي حمايتها، وإنما دخول أمير حرب جاء لإحصاء غنائم المعركة وإعتاق من تبقى من الأسرى. كان يتلفّت ويتفحّص مباني الشركة كأنه هند بنت عتبة، وهي تتلفت في أرض أُحد بحثاً عن جثة حمزة!

حمزة! “مزّق” صرخت هند. “مزّق” قالت لعبدها وحشي. “مزّق” قالتها بلهجة من اعتاد إلقاء الأوامر. وبذات اللهجة، إنما بعد البسملة والاستشهاد بكلمة الـ”سيّد” عبدالملك واتفاق السلم والشراكة، خاطب القيادي الحوثي أبو أحمد مدير شركة صافر ونائبه بلهجة من اعتاد على إلقاء الأوامر: وقّف تصدير الغاز. كأن صاعقة رعدية نزلت على رأس مدير الشركة. لم تكن ملامح محدثه تنمّ عن أنه يمزح. فأبو أحمد جاد في كل كلمة. بلع المهندس أحمد كليب ريقه وقال له بأدب شخص تربى جيداً، ووطّن نفسه على معاملة الناس بذوق حتى في المكاره. قال: أنا مجرد موظف أعمل لدى الدولة. فليصدر قرار من وزير النفط أو رئيس الوزراء بإيقاف تصدير الغاز المسال وسوف نغلق الأنبوب بعد دقائق من صدور القرار. هكذا تجري الأمور. نحن مجرد “مشغّل” وليس لدينا ما نخفيه أو نخافه. اسأل عن أي شيء وتحقق من أي شيء وسوف نوضحه لك بكل شفافية وصدر رحب. شرح بعد ذلك نائب مدير الشركة المهندس سيف الشريف لمبعوثي مسيرة القرآن وضع الشركة والاتفاقيات الموقعة، وضرورة احترام اليمن العقود الدولية الموقعة، واحتمالية دفع مليارات الدولارات كتعويض للشركات الأجنبية في حال ما قامت اليمن بالإخلال بالاتفاقية دون وجود مسوغ قانوني أو دستوري. بعد أنهى المهندس الشريف مرافعته القانونية التوضيحية تظاهر أبو أحمد أنه تفهّم الأمر وسيتغاضى عنه من باب الإكرام والعطف ليس إلا وليس خشية “ترهات” القانون والمواثيق والعهود الدولية. فمقاتلو الحوثي لا يخافون ولا يأبهون بالمجتمع الدولي، ولا العقوبات. إنهم مؤيدين من الله ورسوله. ثم أصدر أبو أحمد أمراً آخراً: “وقفّوا كل الصرفيات ما عدا المرتبات”. تحلّى قيادي الشركة بأعلى قدر من ضبط الأعصاب والهدوء الذي أحسدهم عليه. شرحوا له الفرق بين الوزارات التي مرت بها اللجان الشعبية كوزارة المالية مثلاً وبين شركة نفطية بحجم وأعباء شركة صافر. شركة تعمل على صيانة العشرات من الآبار بشكل يومي. فضلاً عن عمليات الاستكشاف والتنقيب في الحقول الاستكشافية، فضلاً عن الحفارات ومتطلبات تشغيلها، فضلاً عن أنها مضطرة بسبب أعمال التخريب والتفجير المنظم، والحرب اليومية التي يتعرض لها أنبوب صافر من المخربين، إلى صيانة وإصلاح أنبوب النفط، الذي يتعرض لهجوم تخريبي بمعدل مرة، أو مرتان، في الأسبوع الواحد، فضلاً عن عمليات تكرير 10 ألف برميل نفط يومياً في مصفاة مأرب، فضلاً عن الشحن والنقل إلى ميناء رأس عيسى والتهديدات اليومية التي يتلقونها من “كلفوت” ورفاقه، واختطاف موظفي الشركة وسياراتها ونهبها (وهي أمور لا تخفى بالتأكيد عليهم كذوي خبرة)، ثم أخيراً وليس آخراً كيف أن شركة صافر لم تحصل على موازنتها السنوية منذ يناير 2014 بسبب خلاف مع وزير المالية السابق صخر الوجيه أحد خصوم الجماعة، وأنها استطاعت تغطية نفقاتها عن طريق تقليص وضبط نفقاتها ومصروفتها، وهو أمر لا يدركه إلا العاملون في وزارة المالية والمجال الاقتصادي بالضرورة. من يراهنني على أن أبو أحمد ضحك في سرّه، عندما قيل له إن الشركة لم تحصل على موازنتها السنوية منذ يناير 2014، ولعله قال بينه وبين نفسه: “على غيري”! لهذا السبب، أو سوء الظن المتوقع أنقل لكم هذه الفقرةالتي كتبتها قبل تسعة أشهر من الآن، حرفياً، في مدونتي: تتعرض صافر للحرب من جهتين: المخربون من جهة، ووزير المالية من جهة أخرى. ذلك أن الشركة لم تتلق تعزيزها المالي من وزارة المالية منذ يناير 2014م وتغطي نفقات التشغيل من موارد ذاتية بمشقة بالغة.

yp24-07-2014-561771
جرافيكس المصدر أولاين: خط سير الأنبوب وخطوط الكهرباء

لماذا لا يزور الحوثيون شركة توتال (مصدّر الغاز) وليس صافر؟

 تعامل قياديو صافر إذن بمنتهى الشفافية والأدب مع أبو أحمد، كما لو أنه رئيس اللجنة النفطية في البرلمان أو مندوب هيئة مكافحة الفساد -وليس قائد ميداني  في جماعة نهبت 142 دبابة وتشكيلة منوعة من السلاح المتوسط والثقيل من معسكرات الجيش- وشرحوا له أنشطة الشركة ودورها في الاقتصاد الوطني وكيف أنها تقوم بشكل حصري بالتالي: 1- المنتج الوحيد للغاز المسال المصدر للخارج عبر شركة يمن lng (توتال وشركاءها) 2- المنتج الوحيد للغاز البترولي المسال (الغاز المنزلي) lpg في جميع أنحاء اليمن. 3- المنتج الوحيد للغاز المشغل لمحطة مأرب الكهربائية وأكبر منتج للنفط والنفط المكافئ في البلد. بعد أن جف ريق نائب مدير الشركة المهندس سيف الشريف، أصدر ابو أحمد أمراً جديداً في حالة فريدة من الاندماج مع الدور أكثر من اللازم. قال: وقفوا التوظيف. أي توظيف. نحن شركة لديها معايير عالية جدا في الجودة، وإعلانات تنافسية في الوظائف، وكل ما نقوم به تستطيع الحصول عليه من الجهاز المركزي للرقابة، أو وزارة الخدمة المدنية، أو وزارة المالية.

في الحقيقة لم يعني القيادي الحوثي شيئاً مما قاله وإنما هو يطلب عكسه بطريقة غير مباشر كأي قاطع طريق أو “متفيّد” من أولئك الذين قال الحوثيون إنهم ثاروا أصلاً ضدهم. أي نفع يجتني الشعب إذا مات فرعون وبقيت الفرعنة” حسب تعبير الراحل عبدالله البردوني. والحال أن أبو أحمد عندما قال أوقفوا التوظيف فإنما هو يعني العكس تماماً. أي: لم لا توظفون بعضاً من أتباعنا؟ نفس الشيء ينطبق على معظم ما قاله في زياراته الميمونة. إنها طريقة مبتكرة للابتزاز المقنّع عن طريق التظاهر بالحرص على المال ومحاربة الفساد الذي يستثنى منه طبعاً سرقة الدبابات وراجمات الصواريخ! الاشنع، والصادم لي شخصياً، أن اللجان الشعبية التي تقوم بحماية الشركة، وتلك فضيحة أخرى، وعددهم أربعين شخصاً لا تحتاجهم الشركة، تبين لي لاحقاً أنهم يتلقون 2500 ريال يومياً من وزارة النفط والمعادن. عجيب: أليسوا مجاهدين؟ ألا يقومون بالحماية في سبيل الله وخدمة الوطن؟ دعكم منها. فتلك لا شك، سيقول المطبخ، إشاعة إخوانية داعشية. اتصل بي أحد موظفي الشركة وقال بانفعال من يقول الحقيقة: (لو الحوثيين رجال من صدق يروحوا توتال أو يمن lng التي تنهب الغاز اليمني وليس صافر) فضحكت وقلت له: هل صدقت فعلاً إن هؤلاء حريصين على غاز اليمن الذي ينهب بسبب اتفاقية وقعت في عهد “الزعيم” الذي لم يقتربوا حتى من دارته في حي الكميم! وماذا تتوقع من جماعة اقتحمت منزل توكل كرمان او منزل شاب كعدنان العديني يسكن منزل إيجار، وتركت قصور وفلل من حكموا البلد ثلاثة عقود، هل أضيف أنها اقتحمت مقار ومراكز تحفيظ إسلامية ولم تقترب من السفارة الأمريكية، لا لست أنا من يفعل، فتلك طريقة رديئة في المقارنة ودعوة إلى ممارسة جريمة وانتهاك لحرمة سفارة أجنبية. بالمجمل هذه الزيارة لا ينبغي أن تمر مرور الكرام على الرأي العام ونخب السياسة والاقتصاد. إذ لا يمكن قراءتها إلا باعتبارها رسالة تهديد للشركة وموظفيها، ومحاولة لتطويعهم، ما لم فإن “اللجان الشعبية” ولجان الرقابة التي أنشأ الحوثيون العديد منها في عدد من وزارات ومؤسسات الدولة ستقوم بالمهمة: ثورة مؤسسات على طريقة الإخوان في 2012م مع فارق أن هذه النسخة أكثر تبجحاً وإدعاء. أو أن هذه الزيارة، أعني الاقتحام، في قراءة أخرى يراد منها التعارف وتطبيع العلاقة، تمهيداً لجبهة حرب ومعركة جديدة ينوي الحوثيون خوضها قريباً: معركة مأرب. لا تستبعدوا ذلك في ظل رئاسة اليمن من قبل هادي (رئيس ملزمة الحوار الوطني) ووزير دفاعه الذي أهان ودمر الجيش اليمني.

as-20121124-071227

تكلفة إنتاج برميل النفط 3 دولار في صافر 29 دولار في توتال!

والآن دعونا نعطي لمحة تثقيفة عن شركة صافر الوطنية لأنصار ومتعصبي الحوثي الذين سيسارعون إلى التكذيب والنفي وكيل تهم الداعشية وحماية والدفاع عن اللصوص حتى قبل قراءة فقرتين من المقال (اقرؤوا التعليقات وحسب). منذ ثلاث سنوات وهناك مؤسستان حكوميتان تتعرضان لحرب استنزاف يومية كما كتبت مراراً: محطة مأرب الغازية وشركة صافر. مرة أو مرتان في الأسبوع يتعرض أنبوب صافر للاعتداء.

منذ ثلاث سنوات وشركة صافر تطالب وزارة الدفاعبحماية الأنبوب وضبط المخربيين ويتم تجاهل رسائلها، ويتواطئ علناً قادة ألوية الحماية مع المخربين، وسبق أن نشرت وثائق تثبت ذلك، ويرسل الآن عبدالملك الحوثي من يأتي ليهين موظفي هذه الشركة الصامدة منذ ثلاثة أعوام من حرب استنزاف يومية. صافر هي الشركة الوحيدة الأكثر توفيراً وأقل كلفة من بين جميع الشركات النفطية العاملة في اليمن. إن تكلفة إنتاج برميل النفط الخام الواحد في حقول صافر: 3 دولار. أتعرفون معنى هذا؟ إنها أقل شركة نفطية في نفط الكلفة أو ما يسمى (الأويل كوست). بينما تكلفة إنتاج نفس برميل النفط الخام عند جيرانها كشركات (أوكسي أو إم في كلفالي ودوف): من 13 إلى 17 دولار. أما في قطاع 10 المشغل من توتال أو قطاع غرب عياد فان التكلفة تصل، بسبب الفساد الكبير في نفط الكلفة، إلى رقم خرافي: 29 دولار. (تكلفة إنتاج النفط في أرامكو السعودية 2 دولار بالمناسبة) أتحدى أبو أحمد هذا ومليشيات الله، أن تقوم بزيارة تفقدية لشركة توتال أو أوكسي أو دوف أو أو أم في مثلاً؟

حتى الجرعة حصان طروادة الحوثي بسبب ضرب أنبوب صافر!

كانت صافر تتعرض لحرب واستهداف من خصوم الحوثيين أنفسهم، والآن ها هم الحوثيون يدشنون مرحلة البجاحة الوطنية.

كل الأزمات المتلاحقة التي عصفت باليمن خلال العامين الماضيين سببها عجز موازنة الدولة وفسادها، الذي ارتفع بنسبة 40% بسبب أنبوب صافر، والذي تسبب في تراجع إيرادات الحكومة وحصتها من النفط الخام، والذي تسبب تالياً في قيام حكومة الوفاق أو بالأحرى الرئيس الغيبوبة باتخاذ قرار الجرعة السعرية التي بفضلها أسقط الحوثيون الدولة، ونهبوه سلاحاً يكفيكم لحروب عقود، ويقومون برحلات ماجلان في محافظات الجمهورية، وبفضل الجرعة ذاتها، جرعة حكومة الشقاق، يجلس الآن رجل قصير وبدين يشبه نبيل شعيل، مع اعتذارنا للفنان الكويتي، يدعى أبو أحمد أمام مهندسي وخبراء شركة صافر جلسة الحاكم بأمر الله وهو يستمع إلى بعض عماله ومزارعيه: ما هذا الجنون؟ ألا يوجد عقلاء لدى الجماعة؟ وهل حقاً أرسلهم عبدالملك أم أنهم يتصرفون من رأسهم؟ هل يدرك عبدالملك أن محرك هذه “الزيارة” قد يكون شخص فاسد كان قيادياً سابقاً لدى الشركة، ولدي ملفات بفساده المنظور أمام نيابة الأموال العامة (سأنشرها عما قريب) لكنه، شأن موجة من الانتهازيين، بات مؤخراً من “متحيوثين” 2012م، ومثله كثير، حتى أن صاحب شركة نفطية كبيرة ورد اسمه في قائمة الذين حصلوا على كوبونات من النفط العراقي من الرئيس صدام حسين في برنامج الأمم الغذائية النفط مقابل الغذاء، الذي نهبت توتال خلاله 68 مليار دولار من نفط العراق، هذا الشخص، صدق أو لا تصدق، أجرت معه قناة المسيرة مقابلة باعتباره ناشطاً وحقوقياً وخبيراً في مكافحة الفساد، واستشهد بكلامه عبدالملك الحوثي في أحد خطاباته “البيجو”: خط طويل! هل يدرك عبدالملك أن جماعته التي تدعي إنها قرآنية تستخدم لثأرات شخصية، ولأغراض قذرة، ومطامع وأعمال غير مشروعة؟ هل يظن أنه سيسقط المدن والمحافظات وينشر لجانه الشعبية فيأخذ مغانم السلطة دون مغارمها وما يترتب عليها من مسئوليات وما تصاحبها من أعمال غير مشروعة وقذرة. إليكم بعض الإحصائيات التي قد تفيد بعض أنصار الجماعة ممن يوجد تحت فروة شعرهم عقل: مقابل خمس هجمات فقط تعرض لها أنبوب صافر، خلال 17 سنة بين عامي 1992 و2009م، فقد وصل عدد الهجمات التي توقف بسببها إنتاج النفط إلى 40 هجوماً خلال عام 2012م، و36 هجوماً خلال عام 2013م، مما تسبب في توقف إنتاج النفط والغاز لفترات طويلة بين كل تفجير وآخر وتراجع إيرادات النفط الخام.

الخبراء الأجانب طلبوا إلغاء عقود عملهم والموظفون يلوحون بالإضراب!

لماذا يتعرض أنبوب صافر للضرب؟ لأسباب كثيرة من بينها أنه ينتج ضمن ما ينتج 23 ألف برميل ديزل يومياً. تجار وموردي ومهربي الديزل ليس من مصلحتهم أن تنتج اليمن المشتقات النفطية بأسعار رخيصة وإنما أن تستورد بالأسعار العالمية ويتم دعمها حتى يحصلون على فارق سعر فلكي عند القيام بتهربيها. و”لوبي” مهربي الديزل هو ذاته الذي خصومه الحوثيون! والآن بسبب مشهد مسلحي الحوثي الذين اقتحموا الشركة دون موعد، وبمنتهى الفجاجة، طلب العديد من خبراء الشركة الأجانب، البريطانيين خاصة، أن يتم إنهاء عقود عملهم وإسقاط الشرط الجزائي من عقودهم لأنهم يشعرون بالتهديد على حياتهم، ويخشون من تحول الشركة إلى “زريبة” مسلحين وليس شركة نفطية تحظى بسمعة عالمية. في حين يفكر العديدون من موظفي الشركة ومهندسيها في القيام بإضراب، بل إن الأمر قد يأخذ منحى مناطقياً حيث هدد موظفو الشركة في مأرب، وأغلبهم من أبناء المحافظة، بوقف الإنتاج كلياً في حال سيطرة أو تدخل الحوثي في إدارة الشركة كما فعل في الحديدة.

توقف إنتاج النفط في صافر يعني باختصار: عشرة مليون دولار خسائر يومية على أقل تقدير.

الأمن القومي أنبوب صافر وليس مبنى حيّ شعوب!

ما هو الأمن القومي؟ قبل عام تساءلت وأجبتُ: إنه شركة صافر وليس ذلك المبنى في شعوب. وكتبت في مدونتي حرفياً التالي: صافر أكبر شركة حكومية تساهم في الناتج المحلي. إنها توفر وحدها قرابة 40% من دخل وإيرادات اليمن. أفلا تستحق معاملتها بمثل معاملة شركة توتال التي تنهب ثروات البلد، إن لم يكن باهتمام أكبر. 40 اعتداء على أنبوب صافر في عام واحد مقابل اعتداءين منذ أعوام على أنبوب بلحاف! والجيش الذي يحمي أنبوب بلحاف ويحرسه هو نفسه الجيش الذي يسمح ويسهّل، وينسق لضرب أنبوب صافر كل يومين أو ثلاثة.

إن 50% من العجز في موازنة الدولة لعام 2014 سببه تفجير أنبوب صافر. إن خسائر اليمن تجاوزت 3 مليار دولار العام الماضي بسبب تفجير أنبوب صافر. إن صخر الوجيه يرغب في تطبيق جرعة سعرية ستقتل المواطن اليمني أيضاً بسبب تفجير أنبوب صافر.

هذا الأنبوب يتضرر كل يمني بسبب تفجيره. هذا الأنبوب وحمايته ينيغي أن يكون رقم 1 في قائمة أعمالكم! ينقل أنبوب صافر إنتاج الشركة، إلى جانب 5 شركات أخرى، من النفط الخام إلى ميناء رأس عيسى ومنها إلى مصافي عدن فيكرر ويعاد توزيعه كبنزين وديزل ومشتقات نفطية في السوق المحلي. وفي كل مرة يتعرض الأنبوب للتفجير فإن شركة لا تتحمل خسائر نفطها فحسب وإنما خسائر الشركات الخمس الأخرى (أو إم في/ كالفالي/ جنة هنت.. إلخ وتتحملها وحدها شركة صافر التي يرفض وزير المالية صرف اعتمادها الذي لا يتجاوز 100 مليون في الشهر (وهي التي تحقق إيرادات بأضعاف أضعاف نفقات تشغيلها!) أقل ما أتوقعه الآن من قيادة جماعة الحوثي ومكتبها السياسي قيامها بالاعتذار الفوري والعلني لقيادة وموظفي الشركة، والتعهد بعدم تكرار مثل هذه التصرفات، لا في صافر ولا في غيرها من مؤسسات الدولة. فليصبروا قليلاً وليديروا المؤسسات كأعضاء في الحكومة وليس بوصفهم مليشيا تفرض الأمر الواقع. أما في حال كابروا وأنكروا وزعموا أن الفاعلين هم مليشيات تابعة للمخلوع حسين الأحمر فلست بحاجة إلى تذكيرهم بوجود شيء اخترعه الكفار والأمريكان عليهم السلام اسمه: كاميرات المراقبة. هذا للعلم فقط والإحاطة.

صفقة الغاز.. قضية عادلة في يد محامي مبتزّ وفاسد

بصفتي صحفي أثار وعارض وكتب العشرات من التحقيقات والمقالات الصحفية عن صفقة الغاز المسال، ثم بصفتي مؤسساً ورئيساً لتحالف مناهضة صفقة الغاز، كتحالف منظمات مجتمع مدني، أشعر بالاستياء من أن تتحول قضية عادلة إلى ورقة ابتزاز ومزايدة على هذا النحو، بطريقة أسوأ بكثير من طرق “إخواننا في الله” الذين استثمروا هذه القضية وكانت لهم بمثابة “ليلة القدر”. الطريقة التي تحدث بها أبو أحمد هذا، مستفزة ومزعجة. لقد تحدث عن إيقاف تصدير الغاز مع قيادي شركة صافر كما لو أن عائداته تذهب إلى جيوبهم في حين أن الشركة تعد أكبر متضرر من صفقة الغاز المسال. منذ سنوات عديدة وقيادة الشركة تشكو وتوجه الرسائل حول تجاوزات عديدة، وخسائر متوقعة، وصفقات فساد صاحبت عقد البيع (عقد البيع  2005م خالف أهم ثلاث بنود في الاتفاقية الأصلية 1998)، ورغم استياء كبار المهندسين من آلية بيع الغاز اليمني لتوتال الفرنسية وشركائها، ورغم تجاهل الحكومة وأربعة من وزراء النفط السابقين العشرات من الرسائل التي وجهتها صافر، وسبق أن نشرتها، تباعاً، وحذرتْ في معظمها من فقدان كمية مؤكدة من النفط الخام (123 مليون برميل نفط خام ومكثفات بقيمة 5.135 مليار دولار فقدتها اليمن بسبب الخطة الإنتاجية للمشروع)، رغم كل ذلك قال لي أحد كبار مهندسي شركة صافر وعقولها المفكرة إنه شعر في تلك اللحظة برغبة عارمة في الدفاع عن اتفاقية بيع الغاز المسال الفاسدة التي قضى سنوات من حياته يناضل من أجل تعديلها أو إسقاطها.

وجاء يوم بتّ أنظر إلى الهجرة كحلّ تفهّمتُ لحظتها الأسباب التي جعلت محمد علي جناح يطالب بانفصال باكستان عن الهند -أصبح أول رئيس لها- وهو الذي كان معارضاً بشدة في الثلاثينيات لفكرة تمثيل المسلمين في البرلمان الهندي كطائفة وأقلية معتبراً ذلك خيانة وطنية وتفرقة بين أبناء الشعب الواحد. تفهمتُ أيضاً تحول شخص مثل علي البيض من وحدوي ضحى بالكثير من أجل تحقيق حلم اليمنيين ليصبح بعد عقدين الانفصالي الأول الذي لديه استعداد على تحقيق الانفصال ولو بإراقة دماء وبث الكراهية بين أبناء شعب فرقه الاستعمار مرة ولصوص الوحدة والثورة والثروة.. مرتين. تفهّمتُ أيضاً سبب أني أفكر جدياً في الوقت الراهن بالهجرة أو اللجوء والخروج من اليمن. أنا الذي كنت أنظر حتى وقت قريب بازدراء لمن يهربون من بلادهم ويطلبون لجوء في الغرب، حتى أني كنت أقول: لن أترك بلادي فريسة مجموعة من اللصوص والأوغاد. الآن لن أتردد لأجزاء من الثانية لو حصلت على نصف فرصة للخروج أنا وكامل أفراد عائلتي. _______________________

  1. “جندرمة*” إيطالي تعبير يطلق على فرقة من الحرس الديني للفاتيكان، واللصوص الجدد عنوان تحقيق صحفي عن فساد حزب الإصلاح وسوء تعامله مع ملف شهداء وجرحى الثورة الشبابية 2011 الذي وقفت امام محكمة الصحافة -والاولى -بسببه في 2013م

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.