الولايات المتحدة والحوثيون: عدو عدوي صديق

لا رئيس ولا حكومة لا وزير دفاع ولا وزير داخلية لكن غارات الطائرات الأمريكية تقصف بانتظام.

اليوم أعلن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب مقتل القيادي حارث النظاري بغارة جوية استهدفته في شبوة، وهو إنجاز بالنسبة للإدارة الأمريكية وأمر مريح دون شك للاستخبارات الفرنسية لكون النظاري ذاته من أعلن تبني هجمات باريس.

حتى في أيام حكم الرئيس هادي، لم تتمكن الغارات من اصطياد قيادي كبير في تنظيم القاعدة بحجم النظاري باستثناء فهد القصع والشهري. الأمر الذي يؤكد مدى قوة وعمق التعاون الاستخباراتي بين الولايات المتحدة واليمن التي ليس فيها رئيس ولا حكومة ولا وزير دفاع، وما من قوة تمسك بزمام السلطة والأمن خاصة، عدا الحوثيون وحدهم.

1610876_996241537057534_8137351113578518522_n
صورة ساخرة جرى تداولها في فيسبوك

الكاتبة الأمريكية باربارا سالفين قالت في تحليل لموقع المونيتور Al-Monitor​ إن الولايات المتحدة تحتفظ بعلاقة استخباراتية مع جماعة الحوثي التي تسيطر على صنعاء. وقد نقلت الكاتبة عن مايكل فيكرز مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون الاستخبارات القول إن الحوثيين جماعة “تناصب القاعدة العداء، وهو ما ساعدنا على مواصلة تنفيذ بعض عملياتنا الخاصة بمكافحة إرهاب ذلك التنظيم خلال الأشهر الماضية”.

لطالما أتهم الحوثيون الرئيس هادي بالتفريط بالسيادة الوطنية عبر تعاونه وموافقته غير المشروطة على الغارات الأمريكية وتزايد وتيرتها أكثر من سلفه، وها هم الآن يقدّمون أنفسهم للغرب و”أمريكا” كشرطي استخبارات قادر على السيطرة في بلد مضطرب، ومحارب أكثر جدية من الرئيس هادي نفسه في محاربة القاعدة. الولايات المتحدة على أية حال أكثر دولة في العالم برجماتية. والرئيس اليمني “المستقيل” ليس أعز عليهم من حسني مبارك. في لحظة تخلوا عنه. ولو أن مصالح الأمريكان والامتيازات التي منحهم إياها هادي تضررت ولو بنسبة 1% لكان موقف الإدارة الأمريكية مختلفاً وأعلى نبرة، ولأدان انقلاب الحوثيين، لا أن يباركه ضمنياً ويدعو اليمنيين -في بيان صدر اليوم- إلى حل الأزمة عبر التحاور.

ونقلت الكاتبة في المقال نفسه عن الخبير في شؤون اليمن بمعهد الشرق الأوسط شارلس شميتز قال إن “أجندة جماعة الحوثي المناوئة لتنظيم القاعدة تتوافق مع المصالح الأميركية والإيرانية معاً تماماً مثلما تقف الولايات المتحدة وإيران والمجموعات المدعومة من طهران جنباً إلى جنب بالعراق ضد تنظيم الدولة الإسلامية”. ويرى شميتز أن دعم جماعة الحوثي الهجمات الأميركية ضد تنظيم القاعدة في اليمن هو من قبيل “تحالف المصالح”، قائلاً إن الجزء الصعب الآن يكمن في “التفاوض بحصافة مع السعوديين وإقناعهم بالموافقة على أن يكون للحوثيين مزيد من النفوذ في الحكومة اليمنية، ومؤكداً في الوقت نفسه أنه “ربما لا تكون للسعوديين خيارات كثيرة”.

في 29 سبتمبر 2014 كتبت مقالاً بعنوان “هل أوكلت أمريكا ملف تنظيم القاعدة لعبدالملك الحوثي”؟وفيه:

بحسب دراسة لمركز كارنيجي للسلام قال المحلل الأمريكي “غريغوري جونسن” في جلسة استماع خاصة بمجلس الشيوخ: (إن القاعدة هي التنظيم الأكثر نموذجية في اليمن فهو يتجاوز الطبقة والقبلية والهوية الإقليمية بطريقة لا يقدر عليها أي تنظيم أو حزب سياسي).

في تلك الجلسة أشار غريغوري إلى قناعة ترسخت لدى أجهزة الاستخبارات الأمريكية من استجواباتها وتحقيقاتها مع معتقلي جونتامو، جوهرها أن (56 % من أعضاء تنظيم القاعدة في جزيرة العرب من اليمن و37 % من السعودية و7% من الأجانب).
والسؤال الآن: من هو الطرف الوحيد القادر على تجفيف منابع جهادي القاعدة الذين يصدورن، بنسبة مرتفعة، من اليمن حسبما تعتقد الإدارة الأمريكية؟

crop,488x320,mixmedia-09241905Te0L2
إنه عبدالملك الحوثي.
نقيض القاعدة فكرياً وتوأمها بنيوياً.
الحوثي سوّق مشروعه مستفيداً من هذه المخاوف.

**

يبدو أن العلاقة بين الولايات المتحدة والحوثيين يلخصها المثل أو استراتيجية: (عدو عدوي صديقي)

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.