ما أجمل هذه الصورة، وما أجمل أن يتشكل وعي مجتمعي واسع في مأرب نابذ ورافض للقاعدة كتنظيم، له تواجد نسبي، أو كشمّاعة يسوّقها الحوثي لتبرير حروبه وتوسعه.
في كتابه “أمريكا الدولة الفاشلة” يتهم نعوم تشومسكي، وهو احد أهم فلاسفة أمريكا والعالم، إدارة البيت الأبيض بتضخيم الإرهاب وتغذيته. (سيسر الحوثيون بهذا الطرح)!
وينبّه تشومسكي إلى أهم طريقة إخصاب وتغذية للإرهاب. يقول: “إن كل استخدام إضافي للقوة يخلق كادراً جديداً من الإرهاب”. هذا ما فعله ويفعله عبدالملك الحوثي في حروبه: خلق كادر جديد من “الدواعش”. ويؤكد نعوم تشومسكي “إن المقاتلين الأجانب في العراق ليسوا إرهابيين سابقين بل صاروا متطرفين بفعل الحرب”. من يقنع عبدالملك الحوثي بهذه الفكرة؟
هذا حجر الزاوية أيضاً في اليمن:
إن كثيراً من مقاتلي أنصار الشريعة ليسوا متطرفين و”قاعدة” بالفطرة بل صاروا متطرفين بفعل الحروب والظلم وانتهاك الكرامة. ومع حروب الحوثي قد يتحول أناس لا علاقة لهم بالتدين إلى إرهابيين وقاعدة. شاهدوا التحقيق الوثائقي الذي أعده يسري فودة قبل سنوات عن قاعدة العراق، وكيف أن كثيراً منهم أشخاص لم يكونوا يوماً متدينين، وبعضهم من أحزاب يسارية.. ولكن الاحتلال والظلم جعل منهم انتحاريين ولبسة أحزمة ناسفة.
كان تنظيم القاعدة حتى وقت قريب وربما في جميع هجماته يهاجم أهدافاً عسكرية (العرضي، السبعين، حضرموت.. إلخ) وإن سقط فيها مدنيين. لكن هجماتها الآن باتت أكثر وحشية، أكثر عشوائية وانتحارية.
قبل 2014م لم يسبق أن هاجمت القاعدة حافلة للطالبات.
لم يسبق أن هاجمت القاعدة وفجّرت وسط أحياء سكنية كما هي الآن.
لم يسبق أن سمعنا عن تفكيك عبوة ناسفات بشكل شبه يومي أو أسبوعي.
لم يسبق أن أرسلت القاعدة إرهابياً بحزام ناسف ليفجر بقاعة مكتظة بمدنيين وأطفال كما حصل في مجزرة إب.
لم يسبق أن حدثت أربعة تفجيرات مفخخة في ظرف أسبوع واحد إلا مع سيطرة اللجان الشعبية.
لم يسبق أن شعر اليمنيون بالخوف وانعدام الأمن كما هم الآن ورسائل الواتساب وطرفه دلي واضح على مزاج الشارع اليمني ومخاوفه من تحول اليمن عراقاً آخر.

القاعدة موجودة، وهي تنظيم إرهابي، لكن هذه النزعة الإجرامية إنما تغذت من خطاب الحوثي وسلوكه واصطباغ الصراع بالصبغة المذهبية.