لهذه الأسباب اليمن قد تصبح سوريا ثانية

احتمالات نشوب الحرب الطائفية في اليمن عام 2014م أعلى منها وقت نشوبها في سوريا عام 2012م. الحرب القذرة التي دمرت الدولة وأنهكت الشعب السوري.

ها هي المعطيات الموضوعية:
كان لدى السوريين دولة وقت كان لدينا “شبه” دولة. الآن لا دولة لدينا ولا شبه!
كان لدى السوريين أفضل إنتاج سينمائي عربي في وقت ليس لدينا قاعة عرض، وليس إنتاج، سينمائي واحدة.
كان لدى السوريين فنون جميلة وأوركسترا ومسرح، وقت لدينا مشايخ و60 مليون قطعة سلاح (ربما تضاعف الرقم).
كان لدى السوريين مصانع واكتفاء ذاتي وناتج محلي مستقر، وقت كنا نعتمد على مساعدات المانحين فكيف وقد بلغ عجز الموازنة 5 مليار دولار.

1891184_366785953485795_1987840998786210679_n
بوستر مخيف يجري تداوله بشكل واسع في فيسبوك مؤخراً

لم يكن لدى السوريين في 2011م مناطق خارجة عن سيطرة الدولة وقت كانت مدن ومحافظات عدة خارج عن سيطرة الدولة اليمنية.
لم يكن لدى السوريين قبل نشوب الحرب أي جماعات مسلحة كما هو الحال في اليمن: لا قاعدة، ولا جيش عدن أبين، ولا الحوثيين، أنصار الشريعة، ولا مسلحي المشايخ وكتائبهم وألويتهم، وخلال عام واحد فقط صار في سوريا عشرات التنظيمات المسلحة، فما بالكم باليمن البلد المنفتح على الخارج وعلى السفراء والمخططات الأجنبية أكثر من أي بلد عربي من بلدان الربيع العربي، ولديه مقومات دينية لا تقل إغراء عن تضاريسه الجبلية الوعرة والمثالية للجماعات الخارجة عن القانون والمليشيات المسلحة؟
لدى السوريين تضاريس سهلة وتضاريسنا وعرة جبلية.
لدى السوريين نسبة أمية ومعدلات تهرب من التعليم أقل أضعاف من اليمن.


لدى السوريين أجهزة أمنية واستخباراتية مرعبة، وقوية، بينما هي لدينا مخترقة من القاعدة والحوثي.

لدى السوريين تنوع غني في الأثنيات والأديان بينما لم يكن لدينا إلا الأقلية اليهودية التي هجّرها الحوثيون من صعدة.
لدى السوريين تراكم حضاري وأرث إمبراطوريتين رومانية وأموية ولدينا إرث نظام كهنوتي متخلف عزل اليمن عن العالم لقرون طويلة.
حدود سوريا صغيرة ومن الممكن مراقبتها وضبطها، بخلاف حدودنا المفتوحة والشاسعة التي يصعب مراقبتها (2300 كم بحرا فقط).
لدى السوريين تجمعات سكانية قليلة بينما لدينا أعلى تجمعات سكانية في العالم العربي (136 ألف تجمع سكاني بما يعادل 5 أضعاف مصر).
كان القرار السوري الخارجي أكثر استقلالية مما هو عليه في اليمن قبل وأثناء انزلاق سوريا للحرب فكيف الآن واليمن تحت الوصاية الدولية والبند 7

ماذا عن المخاطر الإقليمية؟

انظروا إلى أيادي السعودية فيما يجري في العراق والسعودية وهما جاران بعيدان مقارنة باليمن. ما ظنكم أن المملكة سوف تفعله في تعاطيها مع ملف جارها الأقرب والأكثر تداخلاً وتأثيراً وتهديداً لأمنها القومي؟ هل تظنون أنها سترسل بوكيهات الورد وتبارك العملية السياسية سليماً؟
أفيقوا أيها اليمنيون.لقد اقتتل اليمنيون سبع سنوات مطلع الستينات بتمويل سعودي. كانت السعودية وامريكا واسرائيل والأردن جميعها تحارب جمال عبدالناصر في اليمن وكانت اليمن مسرحاً لحرب إقليمية تماما كما هي سوريا اليوم، وليس لدى السعودية أي مانع في إعادة حقبة الستينات إنما بأسلحة وأدوات أقذر: مذهبية وطائفية!
وما الخيار المثالي لإيران بالنسبة لإيران لتجنب حرب دولية أفضل من سيطرتها على الممرات المائية الدولية (مضيقي هرمز وباب المندب اللذين يمر من خلالهما يومياً نحو 9 مليون برميل نفط يومياً)؟
وما يهم إيران دام القاتل والقتيل يمنيان؟

ماذا عن المغريات الدينية؟
اليمن أرض الشيعة والنصرة والإيمان بالقضية الشيعية منذ معركة صفين، وأهلها هم الذين حسموا الانشقاقات داخل البيت المرواني ثم حسموا بعد ذلك الثورة العباسية وكانت وصية إبراهيم آخر أئمة العباسيين قبل الخلافة لأبي مسلم: (لا يتم هذا الأمر إلا بأهل اليمن).

ينتظر فريق الشيعة خروج السفياني من اليمن، وينتظر فريق من أهل السنة والجماعات المتطرفة خروج جيش عدن أبين الذي سيحرر القدس، ولا ننسى طبعاً أن كل مجاهدي العالم، في حالة ما توصل السوريون إلى تسوية سياسية تحقن الدم السوري، وآمل ذلك، فإن كل أولئك المتحاربون على أرضه لن يتوفر لهم ملاذ ولا أرض رباط وجهاد أفضل من أرض اليمن. وتقول كتب السيرة والحديث: “إذا ضاقت بكم الأرض فعليكم باليمن”. ألا يبدو تشاؤمي إذن منطقياً.

حتى الآن، وليس قبل غرق سوريا في الحرب، لا مجال للمقارنة:
يتجول الأجانب في شوارع دمشق الآن ويتحركون بأمان أكثر من شوارع صنعاء اليمن التي يمتدح نموذجها المجتمع الدولي حسب مقال لفارع المسلمي!

وعدد السفارات الأجنبية العاملة في سوريا الآن في ظل النزاع المسلح، وليس قبل 2011م، أكثر مما هي عليه في اليمن!

كيف لا يشعر اليمنيون بالقلق إذن؟
ما الذي يطمئن إليه السياسيون والنخب؟
الحروب الأهلية لا تتجنب عن طريق الدعاء والوعظ
ولا يكفي أن تدين الحرب بينما أنت تصمت، ولا تدين أسبابها.
وكل أسبابها الآن متوفرة لدى عبدالملك الحوثي وممارسات مليشياته!
انسوا المجتمع الدولي الذي يعرب عن قلقه منذ ثلاث سنوات ولا يحرك ساكناً
باختصار الولايات المتحدة الأمريكية سلمت ملف محاربة القاعدة لعبدالملك الحوثي الذي صار أحد وكلائها في المنطقة.

وها هي الأنباء تتواتر عن دعوات لتشكيل ودعوة داعش إلى اليمن.
الشيخ الذهب قبل أيام توعد بحرق الحوثيين وشويهم لأنهم يسبون عائشة!!!
أبناء الحديدة يرفضون تمدد الحوثيين لا لأن ذلك سلوك يقوض الدولة وإنما لأسباب وتحفظات مناطقية: هذا ليس إقليمهم آزال؟

واليوم دعا الشيخ حمود الخلافي أبناء تعز وإب العاملين في الوحدات العسكرية والأمنية إلى سرعة ترك وحداتهم ومعسكراتهم والعودة إلى محافظتيّ تعز وإب لتأسيس جيش “أنصار السُّنّة”  لمواجهة مسلحيّ جماعة ” أنصار الله”:

لماذا؟ وما السبب؟
وصول مليشيات الحوثي إلى إب؟
وبالتالي من الذي يقود الأوضاع الى الحرب؟
أليس عبدالملك الحوثي ومليشياته والرئيس الدمية هادي؟ إن المسئول المباشر عن أي نزاع مسلح سيندلع، أو انفصال الجنوب، هو عبدالملك الحوثي ومليشياته، بينما المسئول بالتسبب هو الرئيس هادي والمبعوث الأممي لخراب اليمن جمال بن عمر وقادة الأحزاب السياسية.

أرجوكم تيقظوا.
كل المعطيات الموضوعية تؤكد إذن أن اليمن في طريقه ليصبح سوريا أخرى. مسألة وقت لا أكثر. الحوثيون يتمددون من محافظة إلى أخرى في ظل صمت النخبة السياسية وتواطؤ الرئيس هادي وحكومته، وها هو تنظيم القاعدة والعناوين المناطقية والمذهبية ترفع لمواجهته. اليمن تسير بخطى متسارعة نحو السيناريو العراقي والسوري معاً إلا إن تدخلت يد العناية الإلهية، أو استيقظت ضمائر الناس، وتحملت النخبة السياسية واجباتها وتعايش اليمنيون مع بعضهم بعضاً وقدموا التنازلات لأجل بعض حفاظاً على البلد.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.